أكتب هذه الرسالة إلى كل المختلفين في العالم..

وإلى الذين يجرفهم التيار إلى وجهة لا يرغبون فيها.. 

.. 

اقرأ لعلك تجد من بين هذه السطور ما يواسي اختلافك

هل أنت مختلف؟ آراءك مختلفة؟

مشاعرك مختلفة؟ تفكيرك مختلف؟ 

اهتماماتك مختلفة.. لاتشبه أحد ولا أحد يشبهك.. 

لأنك تقرأ هذه الكلمات.. فأعلم أنك كذلك.. 

فبطريقة ما أنت تشبه ثلة من المختلفين أمثالي وأمثالك..

لكن هل تعلم ماذا يعني أن تكون مختلفًا في هذا العالم؟ 

يعني أن تسبح كل يوم عكس تيار السائد والمألوف… وإلّا فستتواجد ضمن تيار لا يشبهك شكلًا أو موضوعًا.. 

فالحقيقة هي 

أنت مختلف.. يعني أنّ خارطة الطريق التي يمشي عليها معظم الناس لا تستهويك.. 

وإن حاولت اتباع بوصلتهم قد تضل الطريق بدلًا من أن تصل.. 

فالإختلاف يعني

طرق خاصة، أساليب خاصة، رحلة خاصة.. أجوبة خاص.. تيار خاص.. 

وكل ذلك أشياء لا تعرفها لا عن نفسك ولا عن رحلتك.. فهذا يعني أنّ المجهول هو مألوفك.. 

ولكن.. حتى تصل..

عليك أن تزيح من على اختلافك عبء الخوف والشك والعار.. واحتواء للوحدة والحزن وعدم الانتماء.. وكل شعور قد تحمله في قارب اختلافك.. 

أمّا عن تيارك قديم.. فستراودك مشاعر الحزن والأسى على فراقه.. ورغبة دفينة أن تعاود الإنتماء إلى كل ما ماضى وقد لا يحدث ذلك.. لكنه سيظل دائمًا جزء من كيانك وتكوينك.. وستحمل منه على قاربك كل ما أكتستبه من حب وجمال وأدوات وذكريات 

أما عن الرحلة فستتعلم الكثير من مهارات الإبحار في تيار الخاص.. 

فأحيانًا.. ستقف صلبًا أمام قوة التيار المقابل.. حتى يعبر بسلام..

وأحيانًا لن تقاومه بل ستتنحى جانبًا وتبطئ من سرعتك حتى لا تنجرف فيه.. 

وأحيانًا أخرى ستتقن فن ركوب الأمواج العالية لتصل إلى الجهة المقابلة.. 

وفي أوقات من حياتك سيكون التقدم.. كل التقدم.. يعني أن تقف في مكانك.. 

وأخيرًا وبعد طول تجارب ستجد سرعتك وتيارك واتجاه ريحك.. وما يحركك.. أنت.. بعيدًا عن أي تيارات أخرى… 

وبعد الكثير من المحاولات ستتعلم أخيرًا فنون الإبحار عكس التيار..تارة بالصمود..وتارة بالتنحي، وتارة بالتحليق والطيران 

ستدرك حينها.. أنك وصلت.. أنّ هذا الشعور ممكن.. أنّ المجهول أصبح أخيرًا مألوفك الجديد.. 

وستدرك ولو بعد حين.. أن قصة حياتك كانت تكمن في ذلك التيار الذي خلقته لنفسك.. بعيدًا عن كل شيء تألفه.. بتحدياته، وتضحياته، وموجاته العالية واختلافاته وهداياه وجمال المشاهد على الطريق.. وكل شيء كان عليه.. 

وأنّ البطولة كلها كانت تكمن في عدم انجرافك إلى التيار الأول..